في صباح يوم الثلاثاء الرابع من آذار، أُثيرت حالة من الغضب والقلق في صفوف أهالي عفرين المهجرين، إثر ورود معلومات تفيد بأن عناصر من القوة المشتركة، والمكوّنة من فصائل "الحمزات" و"العمشات"، قاموا بفرض قيود صارمة على أهالي عفرين في بلدة "تل قراح" شمالي سوريا، تمنعهم من نقل رفات موتاهم من مقبرة القرية.
وأوضحت المصادر المحلية أن الفصائل المسيطرة على المنطقة تمنع أهالي عفرين من نقل رفات موتاهم إلا عبر أقرباء المتوفى المباشرين، مثل الأبناء، الأزواج، أو الأخوة، وبموجب وثائق رسمية تثبت صلة القرابة، الأمر الذي أثار حالة من الاستياء الكبير بين الأهالي، خاصة في ظل الظروف الإنسانية الصعبة التي يعيشونها في مخيمات اللجوء بعد تهجيرهم القسري من مدينة عفرين.
وقد ناشد الناشط الحقوقي ومدير منظمة حقوق الإنسان في مدينة عفرين المحتلة إبراهيم شيخو، الجهات المعنية لوقف هذه الممارسات، قائلاً: "لقد قمنا كمنظمة حقوق الإنسان بالتحقيق في موضوع إفراغ مقبرة المدنيين في قرية تل قراح التابعة لمناطق الشهباء، لكن للأسف لم نتمكن من الوصول إلى معلومات دقيقة توضح لنا الأمر بشكل كامل، ما نعلمه هو أن هذه المقبرة تضم أكثر من 2000 جثة لأهالينا الذين توفوا هناك بعد أن غادرنا مدينة عفرين، ما يحدث الآن هو محاولات لإخلاء هذه المقبرة، وهو أمر لا يمكننا قبوله.
وتابع شيخو: "منذ أن تم تهجيرنا من عفرين، فقدنا كل شيء، لكن كان لدينا أمل بأن يبقى لأحبائنا مكاناً للراحة الأبدية في أرضهم، اليوم، يتم انتهاك هذا الحق، وهذا أمر غير إنساني، إذا لم يتم نقل الرفات، سنفقد حتى هذه الذكرى الأخيرة لأهالينا، نحن نعيش في مخيمات، والذين لا يزالون على قيد الحياة، يعيشون معاناة مستمرة، والآن، حتى الموت يتم انتهاكه.
وأضاف شيخو: نحن كمنظمة حقوق الإنسان قد أرسلنا نداءً للضغط على السلطات المحلية والجهات الأمنية في المنطقة لوقف هذا الأمر وطلبنا من شيوخ العشائر وأصحاب الأرض أن يتوقفوا عن هذا العمل، يجب احترام حرمة الميت، ونحن في شهر رمضان الكريم، يجب أن نكون أكثر حرصاً على قيمنا الإنسانية، فماذا يمكن أن نقول عندما نرى أن حتى قبور أحبائنا مهددة؟ نحن نطالب بوقف هذه التصرفات اللاأخلاقية والمرفوضة من جميع الجهات، ولابد من إيجاد حلول تحفظ كرامة الأهالي.
وأكمل شيخو قائلاً: "نحن لا نطلب أكثر من أن يتم تأجيل أي أعمال تجريف أو فلاحة للأراضي حتى نتمكن من العودة إلى مدينة عفرين بشكل آمن، لا نريد أن يتم استغلال هذه القضية لأغراض سياسية أو شخصية، إنما نطلب العدالة، واحترام حقوقنا كبشر، خصوصاً في هذه الظروف الصعبة.
وفي الختام، شدد مدير منظمة حقوق الإنسان في عفرين المحتلة، إبراهيم شيخو على أن هذا الأمر يتطلب تدخلاً عاجلاً من جميع الأطراف المعنية، قائلاً: "نأمل أن يتم التعامل مع هذه القضية بجدية، وأن يتم اتخاذ قرار لوقف هذه الانتهاكات، التي تسيء للإنسانية، نحن بحاجة إلى ضمانات لعودة آمنة للأهالي، فعندما نعود، سنتمكن من نقل رفات موتانا إلى أماكن دفنهم الأصلية، لكن حتى ذلك الحين، يجب على الجميع احترام هذه الحقوق الأساسية".